الرئيسية / أخبار ومقالات / ديوانية جراغ… موروث تاريخي يتحدَّر من التآلف الاجتماعي

ديوانية جراغ… موروث تاريخي يتحدَّر من التآلف الاجتماعي

تم نشر مقال عن عائلة آل جراغ في جريدة الراي بتاريخ 9 يناير 2011 صفحة رقم 28 كما يمكنكم مشاهدة المقال في موقع جريدة الراي عبر الرابط التالي: http://www.alraimedia.com/Alrai/Article.aspx?id=248813

| كتب عمر العلاس وهاني شاكر |

حل المهندس الاسترالي ديفيد ريد الذي قدم الى الكويت في رحلة عمل استغرقت أياما ضيفا على ديوانية آل جراغ في منطقة مشرف، وأبى الا يبرح المكان دونما الالمام بمعلومات كافية عن طبيعة الديوانية، تمكنه من نقل تجربته الى أصدقائه في بلاده مشيدا بالخبرة التي اكتسبها عن الديوانية وما يدور فيها وما شاهده من أسلوب راق للنقاش، وحرية التعبير عن الرأي، وتنوع للموضوعات المطروحة، وتناقل للخبرة من الكبار الى أبنائهم، ومن ديفيد الذي ظل مستمعا لترجمة ما يدور من أحاديث رواد الديوانية، التي تنوعت ما بين اجتماعية وثقافية، وسياسية الى الحاضرين من رواد الديوانية الذين أكدوا على أهمية الوحدة الوطنية والابتعاد عن بعض الممارسات الخاطئة من جانب بعض النواب، في ذات الوقت الذي فيه أبدوا تفاؤلهم حول مستقبل القادم من الأجيال، واضعين بعض الأسس التي من شأنها ترجمة هذه النظرة الى واقع، وتحقيق ما ذهبوا اليه، كان أهمها الترابط والتلاحم بين أبناء الشعب والابتعاد عن بعض ما استجد من مسميات سلبية لا تخدم المصلحة الوطنية………….. وفي السطور التالية مزيدا من التفاصيل:
في البداية قدم عبدالكريم جراغ شرحا حول دور الديوانية في المجتمع الكويتي لضيفه الاسترالي ديفيد ريد الذي كان في زيارة عمل للكويت قائلا «اعتاد أهل الكويت على هذا الموروث التاريخي الذي يعزز صلة الرحم والتآلف والمحبة بين جميع فئات المجتمع، كما لها أن تلعب دورا في زيادة المساحة الثقافية لدى الفرد من خلال كثير من المواضيع التي جرى تداولها ومناقشتها خلال الاجتماع الأسبوعي لرواد الديوانية من الأهل والأقارب والأصدقاء».
الحاج خليل اليوسف بخبرته استشعر سؤالنا عن الوحدة الوطنية وقبل ان يعطينا الجواب يعود بمخيلته الى الوراء مذكرا الأجيال القادمة بلحمة أهل الكويت وترابطهم وفي كلمات مختصرة يغلب عليها طابع التفاؤل يربط صورة الماضي بالحاضر ويقول «كنا متلاحمين مترابطين ومازال التواصل وحب الشعب لحكامه».
ولم يفته تقديم نصيحته الى القادم من الأجيال قائلا " مستقبلهم ان شاء الله سيكون أفضل شرط ان يضعوا نصب أعينهم لحمتهم الوطنية ويتخلون عن ما استجد من مسميات لا تخدم مصلحة البلد ولا مصلحتهم».
ومن رواد الديوانية كان رئيس مركز الدراسات التنموية الدكتور علي النقي الذي تساءل ردا على سؤال لـ«الراي» حول وجهة نظره في شأن المطالبة بتعديل الدستور «لماذا الاستغراب ولماذا ردة الفعل السلبية اتجاه تلك المسألة؟»، مضيفا «الدستور ليس كلاما منزلا أو منزها لكنه كلام من وضع بني البشر قابل للصواب والخطأ».
ومن تعديل الدستور الى السبب في ما يحدث على الساحة السياسية من ممارسات يقول النقي «لدينا أمور كثيرة خاطئة وأكثرها خطورة على وضع الساحة عدم وجود ثقافة سياسية لدى الشارع بوجه عام، وهذا ما يتم استغلاله من جانب بعض السياسيين الذين يمارسون بعض الأفعال السلبية الخاطئة، وللأسف للسبب السابق ذكره، يكون لتلك الممارسات الخاطئة قبول شعبي».
ويضيف النقي «ما يندرج تحت تلك الممارسات الخاطئة على حد قوله استشراء ظاهرة العنف السياسي والمراهقة السياسية وعنف الخطاب الذي وصل الى التجريح والطعن في الذمم مستدلا في هذا الصدد بعدد من القضايا المرفوعة ضد النواب».
أما علي ملك صاحب احدى حملات الحج يقول حول حقيقة ما حدث من تأخير لرحلات الحج لهذا العام، ويقول ملك في هذا الشأن ردا على استفسارات بعض الحاضرين «باختصار، أن تتأخر طائرة أو اثنتان من 40 الى 45 طيارة لنقل الحجاج هذا شيء طبيعي، وعلينا أن ندرك أن مطار يعمل 7 أيام في العام، ليس بمستوي خدمة المطارات الدولية».
أما الكاتب الصحافي ضاري الشمالي يقول حول خطة التنمية «ما يخرج في هذا الصدد مجرد بعض التعليقات التي تجسد حالة استباقة لتشويه الأمور، واخراج المسألة بشكل سلبي للجمهور»، مضيفا «من يريد أن يبني بلدا لا ينبغي ان يفكر بهذه الطريقة، وعليه ان ينتظر ويرى ويناقش، ومن ثم يتحرك اذا وجد أن هناك خطأ، ويحاول اصلاحه بالتعاون مع الحكومة».
أما الضيف الاسترالي المهندس ديفيد ريد فيقول عن تجربة حضوره للديوانية «هي المرة الأولى لي بمثل هذه التجربة، وما أود أن أقوله، ان ما رأيته من تآلف بين رواد الديوانية كان جيد للغاية، مشيدا في ذات الوقت، بأسلوب الحوار وبالخبرة التي اكتسبها عن الديوانية واعدا بنقل ما شاهده الى أصدقائه في بلاده».
ويضيف ريد «جيد أن يتعرف الانسان على عادات وتقاليد الآخرين، متابعا " هذا بالطبع يزيد من مساحات الفهم والتلاقي بين شعوب العالم عامة بما يحقق التقارب الذي بدوره يخدم الانسانية».

أصول العائلة
ويقول عبدالكريم جراغ صاحب الديوانية عن الأصول التي تنحدر منها عائلة آل جراغ «جراغ كلمة فارسية تعني «الضياء» والحاج جراغ الحداد الذي استقر في الكويت قادما من ايران في عام 1898 كان يعمل حدادا، ونظرا لمهنته النادرة في ذاك الوقت، والتي لم يسبقه اليها أحد، وتفانيه في عمله، توطدت علاقته هو وشقيقه الحاج حبيب جراغ مع الشيخ مبارك الكبير حتى باتا من المقربين منه، وما يمكن أن نشير اليه كمثال على تلك العلاقة الوطيدة التي جمعتهما والشيخ مبارك، ما دار من جدل حول مكان وضع علم الدولة، والذي رأي الحاج جراغ ان يوضع ليس في مكان سكن الحاكم وانما في مقر عمله».
ويكمل «بعد أن رأي شيوخ الدولة صواب ما ذهب اليه الحاج جراغ، استقروا على وضع العلم في قصر السيف، وأمروه وقتها بالبدء في صنع البيرق، الذي صممه، وفي اشارة الى المهارة التي يتمتع بها في مجال حرفته، نسخ حديديا كفة يده، ووضعها فوقه، وفي هذا الصدد نستذكر كلمات الامير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح رحمة الله عليه لأحد أبناء آل جراغ العسكريين حين قال سموه مداعبا اياه " للحين كف جدك في قصر السيف».

سندان جراغ
ويبين «مازال سندان الحاج جراغ التي أهداه اياها الشيخ مبارك الكبير والتي يزيد عمره على اكثر من مئة عام موجود وكذا مطرقته اليدوية التي صنعها لنفسه، والتي لا يمكن من فرط دقة تصميمها ملاحظة أية فروق بينها وبين المطرقة الصناعية».

الحاج جراغ ولص بغداد:
ويضيف «ومن القصص التاريخية التي تبين مدى براعة الحاج جراغ في حرفته قصة أحد المجرمين الذي دخل الكويت قادما من العراق وشرع لفترة طويلة من الزمن في سرقة البيوت، الى أن توصل رجال الأمن الى حل لغز تعدد السرقات، بعد ان وقع في يدهم أحد أدوات الجريمة، ألا وهو المفتاح الذي كان يستخدمه اللص في كسر أبواب المنازل والتسلل الى داخلها».
ويضيف «سرعان ما استذكر الحاج جراغ، بعد ان عرضوا عليه المفتاح، أوصاف وملاح الشخص الذي ابتاعه اياه، وما كانت الا ساعات قليلة حتى قبض على اللص الذي اعترف بجرائمه بعد أن تعرف عليه الحاج جراغ».

كلا بشات المساجين
ويضيف «من الأشياء التي يمكن أن نذكرها في سياق حديثنا عن مهنة الحاج جراغ والتي كان لها واقعة طريفة «كلابشات المساجين» الذي كان الصانع الوحيد لها محليا، وفي هذا الصدد نستذكر قصة أحد المجرمين الذي أطلق سراحه والكلابشات مكبلة لقدميه، ليتوجه مباشرة بعد خروجه الى حدادين البصرة على أمل ان يحرروه قيده، لكن بعد محاولات عدة لم يفلحوا في فك آسره، ما حدا به مضطرا العودة الى الكويت مرة أخرى».
ويتابع «عاد للكويت مرة أخرى وذهب الى الحاج جراغ بعد أن علم انه الوحيد القادر على فك قيده، وما هي الا ثواني وفتح له الكلبش، الذي كان يصممه بطريقة فنية معينة لا يستطيع أحد غيره فتحه، حيث كان الفاصل بين قبضتي الكلبش دقيقا جدا بحيث من الصعب ملاحظته ومعرفة مكانه».

أول قيصرية
ويكمل أحد افراد العائلة ويدعى هاني جراغ «كان الحاج جراغ أول من شيد القيصرية في منطقة القبلة، وأول من أوجد في عام 1905 نظام السرداب في الكويت، ونستذكر في شأن قصة السرداب واقعة طريفة» أن خالي أراد أن يختم جنسيته ودخل الى رئيس اللجنة وقت ذاك وكان من أبناء الرزاق الذي خاطبه القول «عمي، أسالك سؤال واحد قبل لا اختم لك الجنسية» فقال له «تفضل» فسأله «هل في بيت والدك سرداب» ليرد خالي «ليس فيه» ليكرر رئيس اللجنة السؤال مرة أخرى وتأتي الاجابة في كل مرة بالنفي «ليطلب منه رئيس اللجنة أن يفكر قليلا ليجيب» نعم بيت والدي فيه سرداب «ليبتسم رئيس اللجنة ثم يسكت قليلا ليقول كيف تقول ليس وقد لعبت أنا بداخله».